﴿ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ ﴾
السَّلاَمُ
عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ
بسم
الله الرحمن الرحيم، الحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَبِهِ نَسْتَعِيْنُ
عَلَى أُمُوْرِ الدُّنْيَا وَالدِّيْنِ، أَشْهَدُ اَنْ لَاإِلَهَ إِلاَّ اللهَ
وَحْدَهُ لَاشَرِيْكَ لَهُ وَأَشْهَدُ اَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ،
وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلىَ أَشْرَفِ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِيْن، َمَوْلَانَا
مُحَمَّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِيْنَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ
بِإِحْسَانٍ إِلىَ يَوْمِ الدِّيْنِ. أَمَّا بَعْدُ
أَلمحترمون
أَيُّهَا
الإِخْوَان الكُرَمَاء
وَأَيُّهَا
الحَاضِرُوْنَ رَحِمَكُمُ اللهُ لاَ كَلِمَةَ وَلَا قَوْلَ أَلْقَيْتُهَا إِلاَّ
كَلِمَةَ الشُّكْرِ . . . لحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ
العَالَمِيْنَ الَّذِي قَدْ أَعْطَانَا رَحْمَةً وَتَوْفِيْقًا حَتَّى قَدَرْنَا
عَلَى الإِجْتِمَاعِ فِي هَذَا المَجْلِسِ المُبَارَكِ. وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ
عَلىَ أَسْعَدِ المَخْلُوْقَاتِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم حَامِلِ
البُشْرَى عَلىَ المُتَّقِيْنَ وَحَامِلِ النُّذْرَى عَلىَ المُرْجِمِيْنَ
أَيُهَا
الحَاضِرُونَ المُحتَرَمُونَ
فِي
هَذَا اْلوَقْتِ سَأُلْقِي لَدَيْكُمْ الْمُحَاضَرَةَ تَحْتَ الْمَوْضُوعْ : بِرُّ الْوَالِدَيْنِ
أَيُهَا
الحَاضِرُونَ المُحتَرَمُون,
مَا
هُوَ بِرُ الوَالِدَين؟
بِر
الوَالِدَينِ هُوَ الإِحْسَان إِلَيْهِمَا، وَطَاعَتهمَا، وَفعل الخَيْرَاتِ لَهُمَا،
وَقَدْ جَعَلَ اللهُ لِلوَالِديْن مَنْزِلَةٌ عَظِيمَةٌ لا تعدلها مَنْزِلَة،
فجَعَل برهُمَا والإِحْسَانُ إِلَيْهِمَا فَرْضٌ عَظِيمٌ، وَذكرَهُ بَعْدَ الأَمْر
بِعِبَادَتِهِ، فَقَالَ تَعَالَى: {وقَضى رَبُّكَ ألا تَعْبُدُوا إِلا إِيَاهُ
وَبِالوَالِدَينِ إِحْسَانًا} وقال تعالى: {وَاعبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِه
شَيْئًا وَبِالوَالِدَينِ إِحْسَانًا
أيُهَا
الحَاضِرُون المُحْتَرَمُون
إِعْلَم
أَّن بِرَّ الوَالدين لَه فَضْلٌ عَظِيْم، وَأَجْرٌ كَبيرٌ عِندَ اللهِ
-سُبحَانَه-، فَقَد جَعَل اللهُ بِرَ الوَالِدَين مِنْ أَعْظَمِ الأَعمَالِ
وَأَحَبها إِلَيْهِ، فَقَد سئلَ النَبِي صَلىَ اللهُ عَلَيهِ وَسَلم: أَي العَمَل
أحَب إِلَى اللهِ؟ قَالَ: (الصَلاَةُ عَلَى وَقتِهَا قَالَ: ثُمَّ أَي؟ قَالَ:
ثُمَّ بِر الوَالِدَينِ قَالَ: ثُم أَي؟ قاَلَ: الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ
هَيَّا
بِنَا نَنظُرُ إِلَى طَاعَةِ إِسمَاعِيلُ -عليه السلام- كَانَ غُلامًا صَغِيرًا،
يحُِبّ وَالِدَيْهِ وَيطِيعهُمَا وَيبرُهُمَا. وَفِي يَومٍ مِن الأَيَّامِ جَاءَهُ
أَبُوهُ إِبْرَاهِيمُ -عليه السلام- وَطلَبَ مِنهُ طَلبًا عَجِيبًا وَصَعبًا؛
حَيثُ قاَلَ لَه: {يا بُنَيّ إِنِي أَرَى فِي المَنَامِ أَنِي أَذبَحُكَ فَانْظُرْ
مَاذَا تَرَى فَردَ عَلَيهِ إِسمَاعِيلُ
فِي ثقةِ المُؤمِنُ بِرَحمَةِ اللهِ، وَالراضِي بِقَضَائِه: {قَالَ يا أَبَتِ
افْعَلْ مَا تُؤمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَابِرِيْنَ
وَهَكَذَا
كَانَ إِسمَاعِيلَ بَارًّا بِأَبِيهِ، مطِيْعًا لَهُ فِيمَا أَمَرَهُ اللهُ بِهِ،
فَلَمَّا أَمْسَكَ إِبرَاهِيمُ السِكِّينَ، وَأَرَادَ أَن يَذبَحَ وَلَدَهُ كَمَا
أَمَرَهُ اللهُ، جَاءَ الفَرجُ مِنَ اللهِ سُبحَانَه فَأَنزَلَ اللهُ مَلَكًا مِنَ
السَمَاءِ، وَمَعَهُ كَبشٌ عَظِيمٌ فِدَاءً لإسمَاعِيل، قَالَ تَعَالَى: وَفَدَيٍنَاهُ
بِذِبحٍ عَظِيمٍ
أَيُهَا
الحَاضِرُون المُحتَرَمُون
فَالمُسلِم
الصَالِح يبرُ وَالِدَيه فِي حَيَاتِهِمَا، وَيبرُهُمَا بَعْدَ مَوتِهِما؛ بِأَنْ
يَدْعُوَ لَهُمَا بِالرَحمَةِ وَالمَغفِرَةِ، وَينَفِّذَ عَهدهُمَا، وَيُكرِمَ
أَصدِقَاءَهُمَا
وَحَثَّ
اللهُ كلَّ مُسلِمٍ عَلَى الإِكثَارِ مِن الدُعَاء لِوَالِدَيهِ فِي معظِمِ
الأَوقَاتِ، فَقَالَ رَبَنَا اغفِر لِي وَلِوَالِدَي وَلِلمُؤمِنِينَ يَومَ
يَقُومُ الحِسَاب .وَقَالَ : رَبِّ اغفِر لِي وَلِوَاِلدَي وَلِمَن دَخَلَ بَيتِي
مُؤمنًا وَلِلمُؤمِنِينَ وَالمُؤمِنَات
إِكْتَفَيْتُ
كَلاَمِيْ فِي هَذِه الساعة وَإِنْ وَجَدْتُمْ مِنِّي خَطَأً فَهُوَ مِنْ نَفْسِيْ
وَإِنْ وَجَدْتُمْ مِنِّي صَوَابًا فَهُوَ مِنَ اللهِ،
أَخِيْرًا
أَقُوْلُ لَكُم وَالسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ